يا لها من ضيافة
المسز بِل البريطانية كانت هي الملكة غير المتوجة للعراق، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقبل تتويج الملك فيصل بن الحسين.
وتقول في مذكرتها:
«ذهبت بالسيارة يوم أمس في القسم الغربي الجميل من الفرات، وحللت ضيفة عند أحد السادة، وقد أنزلني في غرفة لا شبابيك فيها، فكان ارتدائي الملابس مشكلة حقيقية عانيتها في صباح هذا اليوم، فلم أتمكن حتى من ترك الباب مردوداً ولو قليلاً، لأن السيد الكريم يرى من واجبات الضيافة أن يجعل جلوسه هو بجانب الباب المفتوح من الخارج شيئاً إجبارياً، ليكون على أهبة الاستعداد لتلبية ما أطلب».
وتمضي قائلة: «وكنت بين نارين أحلاهما مر؛ فإما أن أغلق الباب ويكون الظلام دامساً لا أرى فيه حتى يدي، وإما أن أتركه مفتوحاً، وهذا يعني أنني قد لا أسلم من نظرات مضيفي الذي يريد أن يقدم خدماته، وحيث إن لديّ موعداً مستعجلاً مع رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب، وبعد تردد قصير، تذكرت المثل العربي القائل: (ما على المضطر إلا ركوبها). وفعلاً، تركت الباب كما هو مفتوحاً، وخلعت ملابسي سريعاً، وارتديت بدلاً منها. وما إن حانت مني التفاتة نحو الباب حتى التقت عيني بعينه، وجزمت أنه قد نال مني مأرباً، والدليل على ذلك أنني ما إن خرجت من الباب حتى توجه لي مبتسماً بخبث وهو يقول: (خاتون) خوش ملابس هاي اللي انت لابستها».
استراق النظر واستراق السمع لا يختلفان نهائياً عن استراق الأموال؛ كلها لصوصية وانتهاك لحرية الإنسان وممتلكاته. الحمد لله أنني لم أسترق النظر طوال حياتي سوى 3895 مرة فقط لا غير - وقد حسبتها تقريباً كيفما اتفق.
نقلا عن الشرق الأوسط
لا يوجد تعليقات